29‏/08‏/2012

لـِ فتاة منكوبة




   كم كتلة من اليأس المحشو بالسواد ستضيفين لقلبك الصغير العابئ ألما....وأين تخبئين أيمانك الكبير بدين الحزن في جسدك الضئيل ذاك...تلقين وزر أفعالك الغير مبررة بأكثر من مجرد طبع صعب التغيير،وعناد متأصل في ثنايا أنوثتك الغير مكتملة النضج....مشتتة الأفكار صرتي يا أنثاي الهاوية...تتلعثمين بالعشق ومصطلحات الحب الركيكة كالطفل الرافض الكلام تدللا على والديه...فدوني في آخر سطر رسالتي اللهفة المشتاقة لسماع احرفك العشقية الأولى....كفي عن أضافة أكوام الأماني بزمام مبادرة جديدة من فاشل عشق ك"أنا"....فهنالك نهاية لكل أندفاع....ونفاذ لأي آمال أعلقها على هتافات ثورة قلبك المقموعة بعنف من عقلك المستبد على الحب،ظالم.


   لا لم أيأس....ولن...ولكني بدأت بأزالة بعض التوقعات التي تصبح مستحيلة يوما بعد يوم....فمتى ستتركني أنزع عنك أثواب التبجح تلك...وأقطع شريط قلبك الأحمر داخلا مملكة حب لا تحدها أي من ممالك الفراق من أي جهة....ولا تمر على سنينها سوى فصل ربيع...بأبدية غير منتهية....أما آن للعشق أن ينضج ويسقط على خضراء السعادة....ونعيد بناء دواخلنا المنكوبة معا...أملا نستجديه من بقايا أيامنا.


   لم يتبقى في جعبتي أي أوراق رابحة....لقد استنفذت كل ما عندي في محاولة التحدث للأنثى الصغيرة المختبئة داخلك....لقد نطقت  عيناي أكثر مما أخرج فمي كلمات لك...تحاورت مع شتاتك المتناثر هنا وهناك بأكثر من مجرد حديث....بل لقد تقاطعت أفكارنا كثيرا....فما ثمن فرصة تهبينها للخاسر المطأطئ رأسا عارا تحت قدميك....نصف كرامة رجل؟!ربما يزيد...باذخة الحزن كنت يا مدللتي...تستترين خلف قناع دموع وقبعة كبرياء تصبغين بها ألوان بتلاتك بالأسود كالتوليب الهجينة بين اليائس المعمر منذ آلاف السنين والحديث المنمق.




26‏/08‏/2012

غدا سأحزم أربعتي بخامسة


غدا....
سأستيقظ وكلي أمل....
وأبدا بأدخال الهواء إلى روحي لعلي أغير بعضا من جو يأسي....
سأنطلق بعنفوان طفل ذي الست سنوات في أول أيام أبتدائيته....
سوف لن أبكي...فعالم جديد ينتظرني....
سوف تمر أشهره الأربعة خفيفة دون كوارث أو عواصف....
سأبحث في أيامه عن ذكرى جميلة أقصها على أطفالي حينما أكبر.....
سأفترض عدم وجود تلك النظرات التي تمرق فشلي الأسطوري....
سأتبختر رافعا رأسي بلا هوادة.....كفارس أرعبت قصص بطولاته القديمة كل من في تلك الملحمة....
سأخلق من ذرات الغبار ابتسامة.....وأرتقي بفكري إلى حيث أتمكن من الأستاع جيدا إلى صرقعات غيظ حسادي.....
وسأنتقم لأيامي الضائعة 


25‏/08‏/2012




نكَتُب لأننا نُريد مِن الجَرح أن يظل حيَا ومفتوحا , ,
نَكتُب لأن الكائِن الذي نُحِب تَرك العتبه وخرج ونحن لم نقل له 
بَعد ما كنّا نَشتهي قوله ..



نَكتُب بكل بساطه لأننا لآ نعرِف كيف نَكره الآخرين ، 

ولربما لأننا لا نعرف أن نقولَ شيئا آخر ..


نَكتُب لأننا في حاجةٍ لمزيدٍ من الألم مُوجهين نِداء استِغاثة و لا يهُم إذا سُمِعنا أو لم نُسمع ..



نَكتُب لأننا نرفض أن نُشفى مَن الآخر 



و نرفض كذلك أن نُنسى ..! 


لـ واسيني الأعرج

حافلة سنين



   أنها الأيام.....تجري في فراغ مطقع....لا تنتظر نضوج قرارنا....ولا تستنظر المتأخرين عن الركب....تستهلك حصصنا العمرية بنهم....ولا تعوضنا عن المناظر الجميلة التي خسرنا تأملها عبر نوافذها....نستوقفها برجاء حالم,أن تخفف من وقعها قليلا ليتسنى لنا الأنحناء لألتقاط ما سقط منا على طريق الحياة....فتكمل في عجلتها بتبجح مستفز....وتأخذنا في لحظة ذهول إلى حافة الهاوية....وتتركنا معلقين بأحزاننا ويأسنا وتكمل طريقا آخذة معها آمالنا وخريطة العودة....بحدقتين تغرغرتا بالدموع أحداهما على ما خسرناه في محاولة مجاراتها,وأخرى على حقيبة الأحلام الصغيرة المسروقة.....تيه قاتل,لا تعلم معه أين طريق العودة ومتى سيلتقطك ركب أيام آخر....ولن تعلم أي شيء ستفقد,ولا كمية الحلم التي ستسرق منك في المرة القادمة



18‏/08‏/2012

عذر عاشق 2

   قطرات العرق ملأت جبينه الأسمر....فتح آخر زرين من أعلى قميصه في محاولة لأخراج بعض بخار غليان مشاعره آخذا رشفة صغيرة من زجاجة العصير من على طاولة البوح القديمة.....لعل قليل السائل البرتقالي المشبر يطفئ بعض نيران داخله التي أوقدتها كلماتي الجارحة....كنت أستغل فوضى مشاعره أفضل استغلال...وأمنح نفسي حق استخدامها مع القليل من الكلمات الصريحة في عملية إجهاض ذلك الحزن الذي أكتنفه منذ رحيلها الأخير....فلم يعد لي طاقة على الجلوس متفرجا عليه يدمر مستقبله بكلتا يديه....فأنا لن استحق مسمى صديق إذا لم أفعل ذلك.

   كان من الجلي للعيان علامات هدوئه النسبي...فقد أخذ نفسا عميقا يستجمع معه ما تبقى من قواه الدفاعية أمام ضغطي الشديد المتكرر على صميم جراحه....على تلك المنطقة المحظورة....بباب أسود مكتوب عليه ممنوع الأقتراب وجدر عازلة لتسرب المشاعر أخفاها....وأعتقد أني الوحيد الذي لربما أستطعت الأقتراب كثيرا من تلك المناطق المحظورة....تأشيرة صداقة/أخوة لربما ما سمح لي بذلك الشرف....أو أنني دخلت متسللا في لحظة ضعف لمناعته ضد الحقيقة....استجمعت أفكاري وقلت له:

      -ما قد تأتي به غيمة حب عابرة،ستذهبه رياح النسيان بعد أن نأخذ منه ما قدر لنا...فمهما حاولنا أخفائة عنها وجمعه في أناء الوفاء فسيتبخر يوما ما....ويبقى الأناء مخبئا بلا حب يبلل داخله....ستنسى صدقني.

عدل جلسته الكئيبة وضم ركبتيه إلى وجهه ورد:

      -أنى لنا برياح عندما نكون بأمس الحاجة لها...فمياه الحب تحولت إلى رطوبة تساعد على تعفن داخلنا وانتشار اليأس في دواخلنا....حتى إذا اهترئت لم تعد صالحة للأستعمال مرة أخرى.

      -أقتح نوافذ قلبك وأدخل نور الأمل أليها....فهناك كل صباح أمل جديد يسطع على حيواتنا....لنكن عاقلين ولا تغلق الستائر وتهيم في سبات لن تستيقظ من سكرته إلا بعد فوات الأوان.
     
أجابني متهكما:هه أمل....

   أي نعم،كنت أعلم جيدا أن أوضاعه المعيشية هذه الأيام قد انحدرت للأسفل....فقلة الأكل والشرب والأنهماك في الدراسة التي لم تسر كما أراد....وأعقاب السجائر المتناثرة في أرجاء معتزله الذي وضع نفسه في متعللا بأنه يود أن يبقى وحيدا....وقلة مخالطته للبشر أجتمعت كلها لتزيد من صعوبة رؤيته لأي بصيص أمل في حياة رمادية اللون بلا معنى أو طائل يذكر....كانت أعظم مشكلاته في إيجاد هدف جديد ينصب على التقدم نحوه غير الأنشغال بالبكاء على ما قفد.....كيف لي أن أقنع رجل جبرانيا كذاك بمنطق درويش في احتواء الحياة على شيء يستحق النهوض من أجله كل صباح....كيف أثري حياته أخرى بديلة عن تلك التي فقدها....أن أثبت له أن خسارة واقعة واحدة أمام القدر لا يعني خسارة المعركة كلها.

      -استمع جيدا لما سأقول....ما منطق بشري يؤيد دفعك لعمرك ثمنا لأنتظار مرجح....قد تصدق فيه الأيام،أو تتركك لتتآكل سنين شبابك على مقعد الترجيح ذاك....هي لم تأتي،ولن تأتي....فلا شك في أنها وجدت حائطا جديدا تستند إليه على الحياة....أو حضن أوسع من حضنك المبتل بالنواح والبكاء....فلك الخيار.


رفعت سكيني المحمر حرارة عن جرحه....كان الكي آخر حل موجع امتلكته في ظل عناده.....تركت كلماتي معلقة بباب آلامه....تتخبط بين أفكاره...ربت على كتفه متأسفا بصمت...وانطلقت...



17‏/08‏/2012

قدر ساخر


صــُدف الحياة جميلة ولكنها أحياناً قاتلة 

-واسيني الأعرج

   ضحكت....ضحكت كثيرا...ضحكت حتى تقطعت خاصرتي...حتى دخت في سكرة استهزاء....عادت الأقدار لتسخر مني من جديد...لتلقيني في خانة تعذيبها...وتلبسني لباس مهرج على مسرح الحياة...مثير للأشمئزاز بأنفه الأحمر المضحك...وشعره الرمادي المائل إلى اليأس...وفمه المقوس للأسفل على وجه أبيض....أضيفت الهالات السوداء حول عينيه لتزيد حضوره حزنا وشقاء مثيرا للضحك....بلقيه الناس بكلمات وورود بعض الأحيان...ويرميه آخرون بكلمات أخرى وحبات الحقد والكره....لم يسألوا أنفسهم إن كان الدمع المنزلق من أطراف محجريه حقيقي أم رسم،حتى لم يكلفوا نفسهم جهد التفكير بسؤال كذاك....أضحكوا...فها أنا أضحك سخرية على نفسي أيضا...أضحكوا فلم أعد أهتم هل نال عرضي استحسانكم أم لا.

   أتجنب الورق المسطر حاملا لكلماتي....كما أتجنب قرائة ردات فعلهم على سطور الوجوه المرصوصة أمامي....فالسطور مهما بلغت من القوة والسماكة لن تتمكن من حمل حبي وشوقي في أي رسالة قصدت فيها قلب ما...ولا حتى روحا ما...لطالما فضلت لوحات المفاتيح والصفحات الأفتراضية الناصعة البياض....ففيها ما يكفي من المساحة للأفكار العائمة على سطح نصوص....وعمق ليخبئ الرسائل المبطنة في قاع الفقرات....أشفق على رفوف المكتبات التي رغم وهنها تستطيع حمل دفاتر مثقلة بمشاعر أنسانية فائضة عن حد المعقول...تكاد تزداد الكراسات سماكة بكل كلمة تضاف إليها....فأضطر لأفقادها بعض الأوراق لعلها تخفف من فيضان الأحاسيس خارج أغلفتها.



   كانت الهائآت المتدافعة مني سوى غصات روح كبتت كثيرا عندما أجتاحتني فكرة أن أجدك في آخر مكان في العالم يمكن أن يبحث فيه لاجئ مثلي عن وطنه....وطن سافر عن ساكنه الوحيد وتركه هائما بلا هوية.....الوطن الذي لطالما حمله بداخله أينما حل....الوطن الذي ظننته في طور جمع أمتعته استعدادا لمغادرة أرض أحساسه بكل تضاريس ذكرياته ومعالم أحساسه المتأصلة فيها....وترك دمية الوفاء الحمراء ملقية على حافة السرير دون رحمة أو شعور بسيط بالذنب....وعينيها المنصبتين على قطعة الحديد المستديرة الشكل الملقاة على طرف التسريحة مقطوعة الأنفاس ساكنة كما السبيكة التي صنعت منها قبل أن تحييها العواطف الآدمية.....تحمل في سكونها الأعلان عن انتهاء كل الوعود الأبدية بالأخلاص....أتخيل كمية السواد واللؤم التي ستتمكن من دفع مقلتيك متجاهلة كل ذلك....ولتنظر صوب مستقبل مادي مرسوم بحرص ومخاطرة أقل...أم أن ما قوة أعظم من العشق هي من دفعتهما وطغت على حبي المتواضع في قلبك....لا أعلم.


"كم هي وضيعة كلماته المبطنة بحزن حاقد"....ستكون أول تعليقاتكم...أعلم ذلك جيدا....لكن الكلمات لن تأخذ صيغة أنتقام عندها....بل ستتخذ شكل استفهام بريء متغابي....تختفي فيه كل أشكال المشاعر والمعاني المستترة.

12‏/08‏/2012

عذر عاشق!




أطرق قليلا ثم قال:
- لا تحاول كظم عيظك أكثر من ذلك،تكلم أصرخ أبكي أشتم أفعل ما شئت لن ألومك.

   قال كلماته ثم أشاح بوجهه للناحية الأخرى....حدة مزاجه تلك لطالما أوقعته بمشاكل هو دائما بغنى عنها...حتى رباطة جأشة تلك التي تطغى على ملامحة دائما ما يفقدها عند أول رائحة ذكرى تفوح ناحيته منها....تلك التي قلبت بيديها المجردتين صحفته القديمة الملأى بالأنتصارت والمجد والكبرياء الشامخ على بنتات جنسها ممن سبقنها لأكتشاف ذلك القلب الذي يدور في مجرة بعيدة غير مكتشفة بعد...وما زاد الوضع سوءا أكثر،محاولته لأنقاذ صورتها في أذهان كل من علم بأمرهما....وأنا من ضمنهم.....فهو لم يخبر أحدا بالقصة كاملة....لم يتجرأ على القول لهم أنها لربما ستعود يوما....كيف لهم أن يفهموا دموعها التى سالت على يده ذات يوم وهي تقول"سأبقى أحبك للأبد،مهما حدث"...أو أنه هو الوحيد الذي استطاع فهم ذاك الوعد المبطن الذي أطلقته بكامل قواها العشقية....هم لن يفهموا ذلك أبدا مهما قال لهم.

-يا صديقي،طيلة أيامك معها وأنا أبرر  لها دائما وأحاول أقناعك بحسن نيتها بأفعالها تلك،لكني الأن لن أستطيع الكذب عليك أكثر،أتركها تذهب فهي ليست لك.

   تغررت عيناه بدمعة محاولا أبعادها عن رجولته كي لا تخدشها....تعلقت عيناه بالسماء وهو يتمتم بيأس مكابر."أعلم أعلم لكن...."
لم أتركه يكمل جملته وقاطعته قائلا:

-ما من استثناء على وجه الأرض يعلو على كرامة من سرت بعروقه الدماء الشرقية مثلنا...الحب يستحق بعض الألم كي نعيش بعدها في نعيمه حتى النهاية...لكنك يا صاحبي تألمت كثيرا...وطويلا....يكفيك عذابا وحاول الخروج بما تبقى منك باحثا عن صدر آخر يضمك برفق...ويضمد لك جسدك المثخن بالجراح...وأبدأ من جديد.

   لقد كانت كل بداياته الجديدة معها....ولها...فأي معجزة يحتاجها حتى يغير من طرق تفكير رجل مبدأي مثله...رجل لم تغير هي مبادئه فقط....بل مسحت كل دفاتره وبدأت بنقش قواعد رجل يتخذ من حبها قاعدة أنطلاق للحياة....يواجه صعوبات الحياة بها ومن أجلها....رجل صمم لها.....بحثه عن ذاته بات أصعب....فلربما يجول ذاكرته كاملة منقبا عن دليل ما يقوده لأيجاد نفسه....والأصعب من النبش في تلك النيران القديمة,الوقوف مرة أخرى كلما تعثر بذكرى لها هنا أو هناك والمضي نحو الحرية.....ثورته على نفسه رافعا شعار نعم لأسقاطك من ذاكرتي
أشعلت سيجارتين ممررا له أحداها....وقلت وأنا أنفث احتراري عليه مع الدخان"حاول...وأنا بجابنك سأساندك"
الكلام سهل أمام الأفعال العظيمة....فنسيان حب كذاك قد يأخذ منا سنوات...وقد يأخذ منا العمر كله...لكن،ليس لدينا سوا أن نحاول.



09‏/08‏/2012

عمود الجامع

    كبريائه المنحني كظهره يجعلك تتضائل أمامه اجلالا....يداه متشابكة خلف ظهرة كحكيم جارت عليه الأيام بتجارب لا تحتمل....تصغر كثيرا في حضرة حزنه الدفين في زاوية ما داخل روحه المتعبة....تخرج الكلامات من فمه مجهدة لكثرة ما دارت كورقة خريف حائرة في ذهنه قبل أن ينطق بها لسانه الرتيب الألفاظ....يعيد حساب الوقت الذي تشير أليه عقارب ساعته الفضية القديمة للمرة الثالثة في آخر ربع ساعة مرت على وقوفه ناصية الشارع في انتظار حلول موعد أذان المغرب.....

    بذهول تراقب أنتظار الخالي من كل علامات الترقب التي يبديها البشر.....يخرج المسبحة من جيب معطفه الشتوي الذي لم يكف عن أرتدائه في كل الأحوال الجوية طيلة السنوات الخمس الماضية....ودون أن يعير أنتباها لضجيج الشارع المزدحم,يسحب كرسيا حديديا من القهوة الشعبية القريب....يجرها بهوان نحو الزاوية البعيدة عن الأكتظاظ,القريبة من المسجد.....يجلس بترو آخذا نفسا عميقا وهو يعيد بأفكراه جرد ما تبقى من نقود في حسابه البنكي من راتب التقاعد القليل وهل سيكفيه حتى آخر الشهر في حال لم يستطع أبنه المقيم في الخارج تحويل البعض منها له....تشتد يده على المسبحة متنهدا بأستغفارات وتهللات يسمعها كل المارة على الرصيف.....هل يسمح له الوضع بالسهر الليلة مع أصدقائه في مقهاهم المعتاد؟؟...لعله يتناسى بعض همومه.

    يقاطعه صوت سماعة المسجد معلنة بآيات قرآنية أقتراب موعد الأذان....يهم بالوقوف ولازالت الأفكار المهمومة بوضع زوجته الصحي الذي تدهور بالآونة الأخيرة تقتله....تلمع الفكرة في رأسة كصاعقة "هل سأبقى وحيدا بعدها..؟".....يعيد الكرسي الحديدي مكانه....وينطلق نحو المسجد بعدما أشاح له أمام المسجد برأسه من الجهة الأخرى للشارع....يرفع الأذان وهو على عتبة المسجد يخلع نعليه....ويدعو ربه كما كل يوم بتيسير الحال....ويصلي بجانب عمود المسجد الذي أعتاده منذ عقود حتى ظنه زميل عمل.

08‏/08‏/2012

أقنعة

قلب حائر...يصول ويجول باحثا عن اللاموجود....عن قلب يستمع,بين كل تلك الوجوه المتجهمة والعارية من الحب.....يلهث راكضا وراء طيف من نور مبتغاه.....لمحه ببديهة عالية من بين تلك الجموع....لكنه كالعادة يضيع أثره....وينهك نفسه بلا طائل متل كل مرة.



ضوضاء البشر تخيفه...فهو كائن ليلي...يكره الزحام ولكن لقمة الحب الصعبة حتمت عليه الخروج من عتمته وسط نهار صخب مليء بالضجيج المتعب....يتوارى دائما خلف سحنة قليلة التجهم....يستعملها كغطاء يتوارى خلفه من الأعين.....فربما يقبض عليه يوما ما متلبسا بجريمة عشق....يحكم أثرها بتهمة الحب مع سبق الأصرار....ويعدم أمام كل تلك الأعين التي تخاف أن تؤول بها الأيام إلى نفس المصير....فوئدت قلوبها قبل أن تكبر وتجلب لهم العار.....هي كذا أيامهم،تجهم وإنكار طبيعة.

وبقي الحائر يتوارى من زاوية لأخرى ومن ظل لآخر حتى يجد حائرا كحاله ليرتكبا في حق بعضهما أشنع مجازر العشق....في ظلمة الليل...بعيدا عن أقنعة الجمود تلك.