31‏/10‏/2012

قبلة نجاة


   لم أدرك خيانتي لك إلا وأنا التقط شفاهها المحمرتان شهوة....وعيناها الغارقتان لؤما وغيرة تجابهان ناظري.....غير عابئ بأصوات بقاياك تنادي علىّ وتصرخ....مارست معها النسيان وكل أشكال استلال الذكرى بأنثى مع سبق الأشتهاء والرغبة.....أنثى غيرك تمكنت من تسميتها أنثى.



   مصرا على الخطيئة كنت،فاتحا عيناي على حقيقة كونها اللاأنت....أكابر على الذكريات وارفع يدي مهللا لنسيان يطرق باب خيباتي....أترنح متعللا بفرحة نسيان كاذب....ويغمي علي نشوة بنصر ما بعد المعركة.....خضت تفاصيلك كلها،بالنهم ذاته،بالروعة ذاتها مع روح أخرى تكنّ في أرجائا متعة غير سادية متعتك.....جسدك أنت بروح أخرى.

   لم تكن سجائر ندم....أو حتى سجائر نصر على جسد ملقي خلف المتعة منهكا.....تلك التي احترقت على حافة قدر أجهله,مع فتاة أجهلها,وقمر لم أكد أعرفه لفرط ابتسامه ليلتها....بل كانت نشوة حلم مصّفر الملامح في طور التحقق,تتوارى سعادته بين أزقة القلب....خجلا من تحف الذكرى الجميلة المتعالية فوق كل خذلان ملقي في آخر الذاكرة.....


30‏/10‏/2012

ألسنا...




ألسنا متبجحي الضعف...
ألسنا أضعف من أن نقف أمام أنفسنا لحظة حقيقة....
ألسنا أرغب بالألم من السعادة....
ألسنا أقوى من أن نساند الآخرين بحزنهم....
ألسنا نترقب سقوط الأخرين حتى نواسي عثراتنا بشماتة بائس....
ألسنا مثيرين للشفقة أكثر من خيباتنا...
ألسنا أغبى من أن نتذاكى على قدر....
ألسنا حمقى في الحب؟!؟!؟!؟

27‏/10‏/2012

3مسودات....ورحلة

   بين الأصوات المضجرة والصمت المضطقع....وأزدحام المارة على الجادة الثانية يمين خافق باذخ الحزن....وذروة الصداع المسائي اليومية....فوق مقعد توارى بين حقائبي وسافر معي...كقدر معدٍ ألتصق بفؤادي وأقام....واقع بفخ الذكرى أنا،في أرض الوعد بنسيان....لا فسحة تفكير مريحة تتسع لفكرة لي أنا،لهم فقط....يحتلون غربتي ثلاثتهم.

    بهدوئه المعهود...يرافق صمتي برفق...كأنه نصفي المنسي معلقا على نون الوطن...أُجابه ألمه برشفات فنجان قهوته الثابت على مرارة كابتسامته الدائمة...قناع الرضى الذي يرتديه كل صباح مجهدا.....لكأن المطر/الموت القادم من الشرق حمل معه بعضا من وجعه المتجدد مع كل خيبة...لن استطرد أكثر....فلك مسودة.

   وعيي وجدية أيامي يا من تستل الأفكار من فمي لتقول لي بطريقة أو أخرى،استيقظ....أشتم رائحتك بكل وجه متجهم،وحاجب معقود يثرير احتياجي الماس للأبتسامة....أقلّب جملك المؤلمة/المفيدة،واحتاط جيدا لأحرفها....لكني ما أزال أضيع بين جمودك وحنانك....ولا أملك سوى التأمل الكثير بعد السمع والطاعة....أنفذ ثم أناقش....أحبك.

   وأنت يا أدراج الماضي لا تزيدي حيرتي أكثر...لا ترفعيني مرة وتنزليني أخرى....فذات حب كنت أتوه شوقا...بين نشوتي السعادة والحزن.....بين باب سد في وجهي وأخرى استعصي على أناملي الفاقدة الأحساس العاجزة.....دليني أين المهرب يا سيدة خيباتي...وفكي وثاقي لعلي أتعلم الطيران من جديد...وكفى،فلكي أنت أيضا....مسودة

  سأعيد ترتيب أشيائي بحقيبة.....وأترك بعضا مني على طاولة....احزم خيبتي الكبيرة وادس ما يمكن من الصغيرات بجيوب الذاكرة...وأعود.

18‏/10‏/2012

نقد!


   وها أنا ألملم بقايا أشيائي المنثورة على منصة البوح/ الكتابة....فنجان قهوتي الفارغ الأحاسيس مثل قلبي....منفضتي الرمادية بكل ما تحوي من جثث السجائر المترامية على جونبها مقطوعة الأنفاس هالكة....وذكراك مفتوحة الغطاء برائحة النسيان المنبعث منها....ونص ألقيه باحضان عقول ربما تفهمه وقلوب لما تشعر بأحاسيسي المتوارية خلف سطوره....أهوي بجسدي فوق الراحة متثاقلا تاركا لهم كلماتي تتفتت بين إعجاب ونقد....ليتهم يفهمون....

   ناقدي العزيز....تقول أني رجل النمطية الواحدة...الثابت على خيبة وحزن....قابع خلف متاريس التشبيهات التقليدية خوفا....ولا أتقدم على نفسي سوى ببضع مرادفات لذات الجملة التي ما أنفك عن تكرارها على المسامع منتظرا مدحا وإطرائا من عابر سبيل....عثر بنص لي أو صورة....وحاول أن يعيش جو النص باستكبار ناقد.

   أن تتدارك شهوة الكتابة بأوراق بيضاء وقلم يحاكي شرايينك بالنزف ليس سهلا كما كنا نظن....فعثرة الضياع بين متنازعين داخل صدرك تقف بينك وترك زمام الروح لتخرج بما تشاء.....فليس كل بوح يستحق الكتابة....ولا كل الكلمات صالحة للنشر....ومهما بلغت اللغة من مرونة،وتجدد في اساليب الكتابة والنثر،وابتكار مسميات جديدة لتلك الأحاسيس المتراكمة في صدورنا....فلا زلنا لم نصل إلى حد التعبير الكامل بعد.

عزيزي،أشكر لك غبطتك على كلماتي..ونقدك البناء لنصوصي....لكن أرجوك لا تفعل مثلهم وحاول فقط أن تفهم.....

17‏/10‏/2012

خطوة



   كنت أصارع خطواتي المتقدمة للخلف....أحاول الموافقة بين خطوات الزمان وخطوات المكان,بين تينك القوى الداخلية العظمى...عقل وقلب.....قدماي تجران جسدي نحو الواقع,وروحي لازالت تتشبث بأوتاد المبادئ الأولى على أمل تراجعي أو تغيير رأيي بالتحليق نحو الأحلام....تسحبني للخلف بكل قواها الأقناعية والترغيبية....تغريني بوعود لم أعد أؤمن بها منذ عقد الخيبة الأخير....أداري رغبتي ولهفة شوقي بسلاح التكبر....ولا سلطة لي عشق أستهلك أملي,وبات أعقد أحلامي.



   وفي ظلام أفكاري الدامس....كنت أصارع رعب الخيبة المستشري في عروق ذاكرتي....أنادي على جرأتي بكل ما أوتيت من شجاعة...فهناك حياة لما أنادي....اطلي جدران المنطق برصاص عازل لتأنيب الضمير....وأغض الطرف عن هواجس التكهنات المخيفة....واستمع جيدا للحن الحياة المغرد من اواسط الأمل....اترنم على أصوات احلام وردية التصنع...والملم الايمان من على أطراف الذكرى.

   بكثير من الثقة...وقليل من التبرج...كانت تتبختر فوق أوجاعي...تقفز من ندبة إلى أخرى ضاغطة على نتوئات جروحي...تنبش كل مواضع الذكرى باستقصاء عامل منجم باهت النشاط غير مكترث بفوضوية البارود بكشف ما في قلبي/الصخرة من لعنات وكنوز....بريق الذهب اعمى عينيه عن ملك فرعوني مستلق فوق لعنة مرصودة ترافقه حتى آخر نفس في الحب....لا تقتربي أكثر،فحتى الراصد قد يستعصي عليه الحل.

   لتلك الغيمة التي احتضنت لقاء أعيننا الأول رائحة....أكاد أميز رائحة مطرها المنثورة هبائا على ضفاف اللوعة....تجمع ما تبقى من غرورنا المكابر في زجاجة عطر فرنسي فاخرة....نستنشق ندمنا منها كل صباح اشتياق....ونغرق اعناق كبريائنا بها عند الحاجة.



13‏/10‏/2012

على شفا حب

   يغمض جفنيه بسعادة....ينكمش فوق السرير ضاما يديه إلى صدره....يعيد تكرار الموقف في ذهنه للمرة التاسعة..العاشرة..لا يدري....يستحضر كل ما حدث بتفاصيل أدق من تصديقه لها....بجد علامة،شيئا جديدا في كل مرة.....وكالات أنباء العالم أجمع لن تغطي ما حدث بين وجنة وحاجب,بين اعتذار وابتسامة....لن يبحث أحد معه عن قلبه المفقود/المسلوب...فما رأوه اصطدام يحدث كل يوم,لكن حبا كهذا لا يحدث سوى مرة في العمر....سقط كبريائه الشرقي سهوا قبيل آخر ابتسامة....وأندس هاربا بين أوراقها,ليعود بخبر ما عنها...



   أكانت الثوان الاربع كافية لأيقاف قدر بأكمله على مفرق الخطيئة الكبرى....أو على نقطة إلتقاء قدرين إذا صح التعبير....أكانت شهقة الدهشة التي اطلقتها نداء عشق من نوع آخر.....أم أن تورد الوجنة اليمنى لحيائها يقينا على اعتناقها لدين الحزن مثله....هل كانت تهرب بعينيها بنا بعيدا عن زحمة الواقع بكل خيباته....هل كانت تنتظر عثرة صدفة كتلك لتخرج بها إحساسها....وهل كلمتها"لا عليك"كانت تداري بها أوجاعه عنه وتواسي ما يخالج صدره....!؟

تجمد في مكانه,أصابه الخرس فجأة....نفسه مكتوم لدقائق....نسي أين هو,وإلى أين كان ذاهبا,حتى نسي اسمه....يسير على غير اتزان....يتخبط بثنايا ليله الذي امسى برنامج نقاشات سياسية بيزنطية....لا يخرج أيُّ أطرافه خاسرا....ولا منتصرا..

   لو اتيح له استنطاق دفترها الداكن الحمرة ليعلمه بحقيقة ما جرى....ليقص على التاريخ احداث تلك الملحمة التي حوت سنين وسنين من العشق المكتوم وثوان مما يعدون....ليروي قصة سقوطه وجدار وحصن....حصن كبريائه،وجدار حيائها.....ويحكي لهم  عن احتلال مملكة شرقي بنظرة وابتسامة.


07‏/10‏/2012

كأس الأعتراف ما قبل الأخير



   في جوف ليلة قمرية ساكنة....ريح خريفية باردة.....تداعب أغصان الذكريات المجردة من أوراق الأمل.....والحنين يضاجع الوحدة بسادية مغتصب.....شيء ما يرفض الخروج....يتخبط بأكناف روح تضج بما فيها.....يلح عليّ برشفة أخرى من كأس البوح الماجن.....يطالبني بآحالة العقل إلى النوم المؤقت....ليفسح المجال أمام القلب بالحديث بما يريد.....أنها أعراض الشوق تحتل أجزاء جسد معتل بالحنين.....يصارع ذاكرة مهترئة تستبد على أيامه بوقاحة مستوطن....هل سأخسر واقعتي مع القدر ببرد تشرين؟

   يسأل بجرأة,هل يعقل أن تبقى أنثى بقلب رجل كل تلك السنين؟....أجيب بسخرية,لا تعلمون شيئا عن الرجل المدعو"أنا"....استطرد بالسؤال,من تكون تلك الأنثى لتفعل كل هذا؟....اعذريه,لا يعرف شيئا عنك يا "أنثاي"....صحيح,فأنا لازلت أسميك هكذا...بكل ما تحمله ياء الملكية من أنانية....وكل ما تحمله كلمة أنثى من عشق.....فما أنا سوى حب أنثى,وبضع خيبات.....هكذا أنا.

   يكمل تحقيقه الذي لن ينتهي إلا بنزف جرح لن يندمل......منذ متى؟....منذ أن انتفض قلمي على زاوية الدفتر بـ"سيدتي" أول مرة....أرده بصوت مرتجف.....عندما كان الليل أقصر,والشمس أجمل ما قد ترى عيني.....يكمل,أين أضعتها؟....على مفرق التخلي الأخير,حيث اللوحة الأعلانية التي تقول"تتخلى الأشياء عنك,لأنك لم تتحلى بالشجاعة للتخلي عنها"....هل تندم؟....لقد أجابك نزار قبل زمن حين قال"ولو خيروني....لكررت حبك للمرة الثانية".....هل تحبها؟....برشفة أخيرة من كأس الرذيلة ودمعة هاربة من محجر اعتاد السيول....وقلب لازال يتفطر حزنا...."لا أدري!"

   نعتاد...هذا كل ما الأمرة....يصبح الحزن عادة,والاشتياق عادة,وحتى اليأس عادة.....وكأن النسيان ضرب من المستحيل...أو رواية خيال علمي تستمتع بقرآئتها,تسعد بأحداثها....لكن تعلم أن نصفها كذب والنصف الآخر مبالغة....ويصبح مؤنسك الوحيد قمر....وأمطار شتاء بارد تطرق نافذتك....وسنين طوال بفصل واحد.


06‏/10‏/2012

حب أنثى...وهم قصيدة

   بجلسة متبجحة...وضعا رجلا فوق أخرى....وظهره مستند لآخره على الكرسي البلاستيكي....يجيبه بهدوء:
"وأنا سأكتب قصيدة"

   بقلمه الفرنسي الأزرق مدبب الرأس....وصفحة بيضاء ناصعة كإحساسه نحو تلك القابعة في الزاوية الشرقية المتطرفة من قلبه....يناظر حركات شفاها أثناء كلامها...ويرصد معها أيحائات يديها التي تلوح بهما وهي تخبر صديقاتها بقصة ما لم يعر لفهمها أي أنتباه....تتراكض الأفكار في رأسه متقلبة....يبحث بينها عن رصاصة انطلاق الكلمات من عقله إلى يمين النقطة التي زرعها رأس قلمه على الورقة خطأ....تبدأ أوصاف أنثاه بالتشكل في مخيلته....يختار قافية ال"ات" لينهي كل بيت بجمع مؤنث يوحدها وهن....وتبدأ معها الكلمات والتعابير بالاتضاح شيئا فشيئا....فيكتب في وصفها خمس أبيات دون إحساس لها يذكر....يتوقف عند على حافة آخر كلمة كتبها..."معشوقتي"....يتبادر إلى ذهنه....
"من هذه الفتاة التي تستحق هذا اللقب في نظرة أولى...من صاحبة العيون السوداء تلك التي تغلبت علي ببضع نظرات وابتسامة....واستولت على ضمير التملك لأحساس لم أهبه إلا لأنثى واحدة وبعض خيبات....هل هي أنثى أم خيبة....او ربما تكون زوجة...او هي قصيدة فقط،تنتهي شهوتها بانتهاء آخر أبياتها".
يدخن فوق انوثتها الملقية على سرير المتعة سيجارة النصر الأكبر....ويسأل,هل أنا حقا أحبها....؟

تتدافع الاسئلة المؤجلة في رأسه مع جرة القلم الأخيرة من توقيعه بقعر القصيدة....ليغلق المجزرة التي فتحت عليه نيرانا لم يحسب لها أي حساب....ويضع الدفتر على حافة الطاولة متسآئلا:
"هل انتهيت منها،أم أن طيفها سيلاحقني بعد الغروب ويبث في ليلي أرقا ينسيني طعم الراحة....أو يلازمني كابوسا لأحلام تقض مضجعي ويكئب صباحاتي المغموسة بالأمل"
من تكون حبيبتي....يكررها عبد الحليم في ليلة خريف باردة تسقط فيها اوراق المكابرة....لتترك الذكريات ترتجف شوقا،وتنتظر مطر الأمل بلهفة....يعيد له بعضا من رونق الخضرة ويضعه في خانة التماسك مرة أخرى....لا سر الليلة يخفيه....إلا من غاب وترك بعض الفراغ يتسلل إلى قلبه....باصرار:
"سأملأ الليل المجنون بقصاصات الأمل المنثورة على منضدة النسيان...واعتكف طيلة شتاء أعزل....انتظر..."