29‏/03‏/2014

شغف...كاذب

ومساء حادث طفيف...ألقيت نفسي بسرعة على السرير...ليس بغاية النوم...مضمرا كعادتي...نية حرق نصف الليل الأول بنار فكرة غبية...قد تعيد ما ضاع من شغف غاب...كمن ينقب في آخر الأشياء عما يستهوي الموت ليحضر جنائز الأحلام...رحت بدأب كبير...اكتب وأكتب وأكتب...كمن وجد ضالته منذ زمن...شره لذكرى...وجائع لنص.

ولحظة...وبعد انقضاء الثلث الأول من السرد المبرح...توقفت...تشردق القلم بفكرة ضالة...أيعقل هذا...أنا من تعمد الحزن...أنا دعوت القدر وصدفه الرتيبة لعشاء الذكريات ذاك...أنا من وقعت فريسة الأحزان المنمقة سلفا لتثير مواضع الآلام تلك...أنا الذي اعتدت الثمالة بالتفكير حتى الشهقة الأخيرة على سرير معد جيدا لذلك...أدلف باب النشوة المبتدعة مبيتا نية السقوط مغشيا علي...كالقافز منتحرا على فراش مطاطي معد خصيصا لذلك....بماذا أهذي إذا.

شطبت السطر الأخير...والذي قبله...حتى ألقيت بكل تلك الكلمات ورائي...مزقت الفكرة فتاتا....وكسرت القلم....هرعت سريعا إلى الكتاب الملقي إهمالا على منضدة السرير...ورحت أقرأ وأقرأ...افتش عن دواء لمريض أكتشف توا أنه قد تعافى...أنه قد نجى من حادث المستحيل...أأفرح...لكن شعرت فجأة بالأهانة...ورحت أبتدع الحجج واقنع نفسي بالعكس...أماتت الحكاية...وأصبح البوح عبثا...تحرم زيارة المقابر إذا...لكن ماذا عن مقابر الأحياء....هل تحرم في شريعة من غابوا وبقيت منهم شواهد القبور...واسمائهم المنحوتة بالصخر فوقها.

كان الحدث زيارة خاطفة...لشاهد قبر كبير في حيز الذاكرة...عندما قادني الملل إلى قرار حاسم...بالص....

يتبع...

01‏/03‏/2014

ما زلت هنا

-وكيف تتمكن من النوم ليلا؟!
-لا أشرب القهوة بعد السابعة.

ببساطة...سأبوح لك بشيء...وسط كل ذلك الغثيان الذي يجتاح أوصالك وأنت تستفيق من رهبة الكابوس الثالث في ليلة واحدة...ستدرك أنت مخطئ...وأن كل تلك التبريرات المفرطة بالألم لن تجلب لك الراحة...وسيبقى ضميرك مستيقظا مهما ادعيت النوم...ومهما سردت من تلك الحكايات المزرية قصصا...وحبكت أحداثا لها حدثت أم لم تحدث....سطرك الخمسون بعد المئة....ترهات وأفكار،تأبى أن تنضج وترى النور....حتى تستيقظ صباحا وتضع نفسك أمام مرآة الحقيقة...وتزيح كل تلك الأقنعة عن محياك...عندها فقط ستنعم بالنوم...مرتاحا دون أن تلاحقك الكوابيس.

أعتراف صغير على رأس بوحي الليلة....لم أتوقف عن الكتابة يا صديقي...ولم أتمنع عن حرق الأفكار على الصفحات...لازلت في ريعان الحكاية....ولم ألتئم بعد...ما تزال القصة تحتل محياي كوسمة عار...كجريمة...كصمت...لكنك اعتدتها كأي ندب آخر في وجه شباب أي أنسان...فما عدت ترى...وإلا من أين تستمر الصور في التلاحق في رأسي كل ليلة...كيف يسطع ذلك الوجه عند كل مفترق حلم...كيف لي أن أنال أملا خارج دائرة الموت التي عشت دون توقيع القاتل بأدناه...كيف قلي بالله عليك.

قبيل البدء بكتابة هذه الكلمات...رحت اسرح في تقليب المسودات الأخيرة...تلك حصيلة كوابيسي وليالي الصامتة...إلا من زفير النافذة المفتوحة على ماضي عميق...يتردد في سحيقه الصوت بمئات المواقف والبشر...ليصل أذني قاتلا كالنفخ بالصور....وصوت تكات الساعة التي تتباطئ كل ثانية عن أختها...تكاد تتوقف لتعلن عن انتهاء حصتي من زمن الحياة...وبأني قد استنفذت رصيدي كاملا من إجازة الأحلام والأمل....وعاد موسم اليأس الرتيب....بروتينه الحزين وأنصاف الأشياء التي تقتات على فتاتها تصبرا...لتقضي النصف الآخر في عادتك المهترئة...باستجداء حياة تشبه الحياة.

كان فحوى أولاها كلمة واحدة...صدفة...كان خلفها ألف انتظار...مرتبة كدراما محبوكة مسبقا...بسيناريو صامت...وراو ابكم...مشاهد سريعة...وأفكار تمتد حتى نهاية صفحة طويلة من كلمات...تقع اولاها بتشويق كأنك تنتظر حدث الحبكة...أن يتجرأ بطلنا على القدام على شيء...أنت تنتظره أن يفعله لكنك لا تعرف ما هو....فتصدم في وسطها بواقع الثواني القليلة التي تبدأ بها الحكاية وتنتهي دون حوار...دون مبادرة أو حدث...وتقع في آخرها بحزن عميق...لأنك تعلم أنك أنت البطل...وأن الحدث لم يقع بسببك أنت...أو بوقاحة...بسبب جبنك واستهتارك....وأنك من أرويه هنا...وقعت للأسف فريسة لقيم اجتماعية ودينية فسرتها خطأ....فجمدت وتوقف الدم في أوصالك لتصبح بطلي....بطل القصة.

وثانيها...اربعون دقيقة في محاولة فهم...طريقة أخرى لأروي جانبا جديدا من الحكاية...حكاية الرجل الذي كان وما زال لم يفهم شيئا...لتتبعها مسودة ثالثة ورابعة و و إلخ....كلها حرقت...ولم تكتمل....ماتت ومات معها جزء مني...خلدت إلى سباتها الأخير....لتنقش في ذاكرة المكان....ما تبقى من أثر...شاهد قبر آخر....يضاف إلى الزمرة العتيقة...كلها جزء مني...كلها بنات أفكاري...بمجموعها أنا.