30‏/11‏/2013

فرصة بديلة


   يحوينا فراغ الأيام برحبه....تجرنا بعيدا وبعيدا...تجرنا والتيار في تيه الحياة...لنجد القدر قد سبقنا كعادته بخطوة....بالمرصاد عند أول صمت...عند نهاية الوحدة...تماما عند وعكة شوق أو كدرة احساس...تدور بنا وتدور لنجلس في نهاية الأمر بسكون...مفجوعين بذلك الوجه الآخر...الجانب الأسود من احلامنا المقتولة...عينان شهدتا كل ما حصل...ولم تطأها أعاصير الفراق...بقية سليمة من كل تلك الترهات المتعلقة بقلبين...كادا أن ينتحرا سويتا....فدائا لحب ميؤوس من شفائه.

   تترصد لنا...بأنتظار اللحظة السانحة...لتوح لنا في البعيد بسلاحها الأخير..مصادفة بلا كلام...تطأ أرض الوجع القديم...قِدم الصمت...وتوجه لذالك الحب صفعة انعاش...لتوقظه...تحاول من جديدة سرد ما حدث...بأنتظام...كقصة...أو كغصة....
ماذا حصل؟
لم أنت هنا وهي هناك؟
كيف حدث كل ذلك؟
ذنب من؟؟....
لا إجابة وافية...وإن سرحت في محاولة بائسة لترتيب بعض كلمات التوضيح وقطع الأجابات المنطيق...لكن لا يوجد.


   عندما تباغتك تلك الرغبة العارمة...لسرد كل شيء...كل التفاصيل المغلقة...والأجزاء المنسية...وحلقات الحب المفقودة....كل ذلك البوح الدفين في أعماق الذاكرة...تقف للحظة...لتعداد خياراتك...وتعود بكل خيار يُطرح كاجابة إلى نقطة حرجة....مرحلة عنق الزجاجة...لتوفر على الجميع وعليك بسرعة....عناء الخوض في تفاصيل قاتلة لك...تافهة لهم...وتتجيب بكلمة جامعة مانعة لأي استطراد متوقع...وكل تأويل يؤذيك أو يتجاوز حرمة الحب بدنسه...بكلمة واحدة "نصيب".

   ذلك أن تعلق ذنبك بعنق الآلهة...وتهرب منها وأخطائك...فهي كما نظن بها دائما...أحمل من قلوبنا المتصدعة ألما بذلك الجبل العظيم من الآثام والذنب...وهي من تغفر وتدين...تسجن وتفرج...وتقتل وتميت...وتُحكم دون عناء...بناء أركان قضية رابحة....تنجينا من الموت اختناقا...بحكاية.

15‏/11‏/2013

مثخن


   بالمناسبة؛لازلت أكتب...أكتب كثيرا...أكثر مما سبق...كالعادة دون صدى...لكن احدهم ما عاد يكترث...لم يعد وجود النص من عدمه يحدث لديه أي فرق...ولا حتى صوت الأنين في جوف ليلة دونه...مثخن بالألم...حتى ما عادت الكلمة تُخدر أو تَهبني نسيانا....ولا الصمت يوصل رسائله...رغم الحياة المتصدعة تحت أقدامي...وكل الأشياء التي تنهار من حولي....والسماء تنشق سخطا فوق رأسي...ليصير التماسك لعبة قط وفأر...لا يريد كلاهما للعبة أن تنتهي...ولا أن يتوقف التصفيق....هي كذا...سؤال بلا إجابة.


   أكتب ليس لشوق،بل لأستحث الشوق ليطغى...لعله يترك الطرق على نوافذ الذاكرة خلسة....عند ناصية ليال الشتاء...لكن الفكرة سرعان ما تتبخر...تهرب من قبضتي حتى لا تحول أزرقا على ورق...ويصبح الحلم أقصى الامنيات...ان تبحث في زقاق العمر عما كان يستحق كل ذلك العناء...أو بالأحرى عمن أضاع في ساحاته عمرا بأكمله؛ينتظر...لتسطر فصولا ظنتتها يوما أنها خاتمة الحكاية...لتحول حبكة روايتك مع ما لم تفهم...ولن...وتقفز من ترهات الحدس إلى الامنيات الصامته....تلك التي تجاوزت حد الحقيقة...ولم تعد تحفل بنصر معها أو هزيمة....هي كذا...رحلة بلا محطة وصول.


   لمن قد كان نهاية الطموح...سقف الأمنيات الأعلى...أروي تفاصيل الرواية حدثا حدثا...موتا موتا...حلما او لربما كابوس...ما كنت لأحتفظ بالشطر الأمتع ليوم قادم...أن أتركه معلقا على زاوية الأسئلة الفضولية....بل سأحكي كل ما حدث....لأسجل على ضفة الذاكرة موجة عالية....تمحو آثار من مروا على رمال العمر بسرعة...وتترك لي نقوش اسمائهم على الصخر المبتل اللامع عند شفق الغياب.

   الكلمة لم تنضج بعد...لكني على عجل من قلبي...أسرع قبل أن يجف حبري وينتهي الليل....فأعود لزاوية الصمت خاويا بلا ضماد.


10‏/11‏/2013

احتسبه حلما


يقول علوان: "كل الهزائم شاخصةٌ في انتظار البكاء"

   في أيامه العجاف...ليس من القوت....بل من المشاعر...اعتاد على الجلوس كل قمر...بحلكة الوحدة...وصمت الليل...يئن بألمه...كمريض بالفقد...يحارب هواجس هنا...ويقتفي أثر ذكرى هناك...يعيد ترتيب الذكريات على لوح قدره...كمن خسر الرقعة...محاولا الاستفادة من أخطاءه....ينفث الأزرق دخانا....وبتأفف بغضب كلما وصل للنتيجة ذاتها في نهاية كل احتمال...كأن تأخذ الحب معادلة رياضية ثابتة...باحاسيس بشرية متغيرات لها...تناسى أن قدرا واسع الحيلة يجلس في الجهة المقابلة....ليحتم عليه الطريق كما يشاء. لا بد لك من أن تحاكي ألمك...وتعبر نحو الضفة الأخرى للحلم...وإن قُلب عليك الأمر في النهاية....وأصبح احد أسوأ كوابيسك...فالأصابة بحمى الشوق أفضل احيانا من الموت في سواد التبلد....

   في الشتاء...يذهب الجميع إلى سباته....يسترقون السمع لصفير الريح...يضمون أحلامهم بقوة أكثر ويعانقوها...إلا منك وبعض الشوق الأرعن....يخرج عليك في ظلام الوحدة...متبخترا....يصفعك وبرد الليل بقوة...كأنما يحاول إيقاظ بواقي من ألم على وشك النوم....ويخرق كل تلك المٌسلّمات من القوانين...ويبتدع أُخرىخاصة به...كأنه حَكَمٌ مبتعث خصيصا لذلك....أنهمر الموت فجأة...وأخد يطرق باب الأماني بقوة...حتى ما عاد للحلم فسحة صغيرة...كي يسرد ما تبقى منه لهفة...ولا حتى ملحمة قصيرة...يستأثر منها على الدور الرئيس....البطولة المطلقة...لا أحد يستطيع إزاحة مشهده من القصة....ولا هو إن أراد.


    لنتخيل أبواب السماء تفتح...ليقف الكون عند امنياتنا...يأبى التقدم زمنا دون تحقيقها....فتصبح الدنيا رمادية....كرسم في الذاكرة...كمشهد يُعاد في رأسك للمرة الألف….كحلم يزورك كل ليلة….كنظرة مسروقة….كنهار أهوج…وليله الساكن...كالأختناق عودة من موت….كأُمنية حب من بعيد...كعرس ريفيٍ بسيط...كنافذة قصر جميلة...سجناً كان في الحقيقة...كصمت الأعتراف الأول...كوهج عينين للقاء شوقاً....لترسم على جدران المعابد....حلم طفولة ملونا...بعيدا عن أبيضها وأسوده.