08‏/11‏/2014

خيانة ذكرى

خرج برعونة مسرع الخطى نحو معتكفه... اغلق الباب...ورمي نفسه بسرعة خاطقة فوق منصة احلامة الأخيرة...على سريره الحاني الدافئ..لا ذنب لهم...ولا اعقد من مزاجه...يتدارك الطرقات والأصوات القادمة من خلف الباب...تطالبه بالخروج...

كنت احارب كي اكتب قصة ما...احكي بها ألمي...او احاول بها جلد نفسي...اهرب للبعيد...لكن عبثا اهدرت لاوقتي....الفراغ الحالك اغرقني حد التبلد...حد استنزاف الصمت بعدما انتهي الكلام....اظنها عشرون او ربما ثلاثون...مجموع الكلمات التي نطقت بها اليوم...ليس بجديد....فأنا على هذا الحال منذ حين....اتسمر عاريا من الأفكار امام بياض الصفحة....ولا جديد ينتشلني من الهاوية....افقد كل شيء حولي...شيئا فشيئا اتنازل عن انصاف الأحلام التي توقظني كل صباح....وادمن اكثر تلك الكوابيس الليلة عنما اظنه ذكرى او لربما ماهو آت.

راودتني تلك الكتل الضخمة من الهموم على شكل افكار...وانا اغلق آخر الليل بشيء ما مفقود...بقطع ناقصة من الأحلام المزركشة بهوامش كئيبة....وحروف ساقطة من ذات الكلمة...كأن المساء العتيق هو نافذتها الوحيدة على السماء...وقت الجرد والحساب....وتطول وتطول حتى يلحق كبير عقربها الصغير...وتصبح "تك....تك...تك..." صوت سجائر تناطح منافضها بسكون الليل الموحش....لربما اموت هناك الليلة....بلا تنهيدة...كما نسيان.

هي طريقة أخرى....ثورة على الذات... كأمل...كوهم نسيان هو في الحقيقة اعتياد...جوابا صبيانيا اظنه لكنه واقع...او لربما قدح مسروق من اكسير الضياع....يعادل احتياجنا وضعفنا ببعض من الأمل....او انها صيغة مهذبة لخيانة الذكرى...تبرير منطقي لجريمة واضحة...مع سبق الأصرار والتعنت.