27‏/11‏/2012

أنثى القدر الأوحد



   وهل ظننت أزالة وشم اسمها عن ذراعك....أو حتى التخلص من ذراعك كلها سينسيك/سينقذك.....يليق الحزن ببعض الوجوه أكثر...تزدان العيون بسواد الأنهاك،ويصبح الشحوب سمة جمال،أو شيئا جذابا من نوع آخر...والدموع العالقة على أخر الحسرة المختبئة خلف النظرات تشدك نحوها....كشرب نخب نسيان الأحزان في اللقاء الأول على طاولة فضفضة....لتصبح كؤوس النسيان ذكرى أضافية تضاف للأولى....فنحن لا نشرب لننسى،بل لنستبدل ذكرانا السيئة بأخرى أسعد.

   لم تكن انثى بقدر ما كانت وشما يزداد ظهورا مع الزمن...سنتان على ذاك الندب،يزداد احمرارا بتدفق الحب نحوه،ويؤلم بخدر في برد الشوق وشتاء اللهفة....كان يتعامل مع الزمن بمنطق عكسي،يصبح وشمها ظاهرا أكثر كل يوم،وملفتا أكثر للنظر على ذراع التضحية....كانت تغرس فيه بعمق بمضي يوم آخر بجانبه،وأعمق في كل يوم بعيدة عنه....كانت حبا مستفحلا،ألتهابا عشقيا حادا.

   لتربح لعبة الحياة،ليست الحنكة في أخفاء الأوراق الرابحة....بل في انتهاز الوقت الملائم لأخراجها....وهي ألقت أمام عجزه ورقتها الرابحة الأخيرة....لتستل المستحيل منه بدافع الحب الأعظم....لتجبره على ممارسة التضحية الكبرى,المحفزة للندم قبل أرتكابها حتى....وهو ينساق وراء الأحلام المرسومة،المحبوكة برقة أنثى وكيد وامرأة....دون أن يحيد عن المفروض يسير صمتا،بلا صراخ الألم المدقع.


"اِحزَّنْ .. لكن بِكبرياء !"

-هبه الجنـدي .



24‏/11‏/2012

لم يفهم 1

كاد يقتل نفسه غيرة....اغتص صوته؛كأن غيظه أصبح أكبر من الأختباء خلف ابتسامة....وقال:وهل سعيدة أنتي معه؟!؟
أجابته:الجنة ليست مكان السعادة الوحيد،على هذه الأرض يوجد شيء...ومن يرضي يعيش.
وفي استدارك متذاكي حاول نصب فخ ماض أمامها بسؤال:وهل هناك غيره هذه الأيام؟!؟.....بجدية تجيبه:لم أحصد من أيام الطيش تلك سوى بضع عبر...كنت بغنى عن تجربتها لو وجدت نفسي منذ البداية....عندما تمتلئ الأنثى بذكر،فلن يبقي لها فرصة التفكير بآخر.....ابحث في ضياعك عن أنثى ترتوي منك وترويك،وتمسك بها....فالحياة أقصر من أن نقضيها بالتجارب العابثة.
لم يعي يومها ما قالته....ظنها تهرب من عينيه إلى زوج تحافظ عليه...تحمي عشها من أغارة ماض أسود هو أحد أركانه.

22‏/11‏/2012

مزهرية أحلام




"الأحلام كالزهور...متى ذبُلت...يستحيل إحياؤها من جديد"

-محمد الماغوط

أتعلم..أكثر ما يخنقني,هو تلك الأمنيات المبحوحة المتحجرج صوتها من تحت انقاض العمر....تلك البراءة الصغيرة المتشبثة بأعماق دواخلنا....تستنكر ما تفعله الأيام بنا من تقدم خطوات العمر متناسين ادراكنا الطفولي الجميل في جانب الذاكرة الأسحق.....تلك المثاليات التي لطالما آمنا بها وصدقناها وضحينا بالكثير من أجلها....نضعها جميعا في خانة الأحلام البائتة,المثيرة للضحك والسخرية.....كانت يوما. طموحا نصبوا إلى تحقيقه كما رسمنا له....بعيدا عن ضوضاء الشباب وصخبه.....بهدوء كنا نجلس بمحاذاة البرآءة,متكئين على جدار الثقة بمن نلقي أحمالنا وراء الظهر عليهم.....لنخطط بأخبث التفاصيل الدقيقة لخطواتنا نحو حلم لربما كان مجنونا أو"ضربا من الخيال"....فهل حقا كبرنا,أم أحلامنا صغرت,أو أننا لم نعد نستحق....أو أن فقد ذلك الشغف للحياة هو ما ذبل وليس أحلام....أظننا كنا أنقى,أطهر.....والأحلام هي من كانت خبيثة.....

20‏/11‏/2012

أن تؤمن




ذاك المساء فقط....أدركت أني أحببتها....عندما اغمضت جفناي محترزا لصور الذاكرة الرمادية....
ملتفتا يمين النوم ويساره تحسبا لأرق مباغت....علّي أمر بليلي سلاما.....
أصبوا للضفة الأخرى، لصباح أمل بلا تسوس مزاج ينخر نهاري....
هناك,اصتدمت بحادث قدري وعينيها....
لألم الصدمة فزعت كمجنون من على السرير..
***
كان الليل قد جاوز حكمة الكهولة بقليل....
أنها ملونة......صورة أنثى تطبع برأسي بألوان لأول مرة منذ الأنقلاب الخريفي لذاكرتي...
ابتسامة ممزوجة بالأمل تدخل كتاب الذاكرة....
أتيقظ من كابوس/حلم جميل....
أشهق لهول احساسي بدموع الفرح تذرف من عيني....
أتيقن من أنني عشتها مرة أخرى....تجربة حب بوقع اللهفة المجنون،تلف أيامي بذاك الطابع الجميل المتقن للفرح....أو للبحث الأزلي عن مصل السعادة الأبدي....أكسير الحياة الاسطوري...
***
أصبح للأسود المنخط فوق اهدابها،ترميز آخر ملون يمنحه تلك الجاذبية المتسللة من العالم الآخر...
كمرآة قلبت معاني الحياة وموازينها رأسا على عقب....

كأزهار التوليب تزين زفاف....أصبح يوحي بلائكية السجع للحمام....
كطبيب روح زارني الليلة بشاكلتها....بملامح التمنع الشهية خاصتها......

يهمس في أذني تعويذة "السحر الأسود" الشافية.....
"أن تؤمن يا ولدي بشيء ما"


13‏/11‏/2012

احتمالات

رُبَما.....نَلْتَقيْ ذَاتَ حَبّاتِ مَطَرٍ عَرَفْناها فِيْ شِتَاءٍ عَابِرٍ....صُدْفَةً

11‏/11‏/2012

على عتبات طيبة


   المسودة الخامسة....فنجان قهوة بارد,وبطارية حاسوب تكاد تنفذ....وأوراق السجائر اتنهت مني,وأنهتني......ولم أخرج بأي حل معك يا "أنا".....منذ يومين لم أكد أسمع صوتي,وكأن الكلام قد نفذ مني.....سكون يحيطني من كل جانب.....جالس بذات الحيرة أصارع صدى كلماتك يا صاحبي برأسي....أبحث عن مخرج لي ولك من خانة أوقعتنا بها ترهات خرجت خطأً من فمي.....لم أرد لك أن تعرف,لم أقصد منك حزنا,ولم أعني سحبك لوادي الواقعية الذي أغمر نفسي به.....حاولت جهدي إبقائك متأرجحا بين جمال حلمك وقسوة الواقع....هناك على نقطة الأتزان,على سراط الجنة والنار.....لم أكن لأخرج كل ذلك البوح والأعتراف أمامك لولا أن وجدت فيك من ينصت.....لم أكن لأغير مجرى حياتك ببضع أحقاد دفينة وسلسلة متتابعة من الخذلان عالق في صدري منذ ازل.....

  ما يزال وقع صوتك المختنق ببعض الكلمات وغصة,المتحشرج بدمعة ورشة شفقة.....يلتف حول عنقي شيئا فشيئا.....يخنقني,ويبتلع ما تبقى من تماسكي بلقمة واحدة......لقد فعلت ما وصفتني به يا صديقي بحذافيره...فها أنا أهرب من المشكلة بأستفراغ الأفكار على سطح البياض الذي عادة ما يحمل ولو القليل من همي وحزني.....لكن بدون جدوى,فأنا مشتت.

  العاشرة,تدق ساعة الحائط مكملة دورة حياة ساعة زمنية جديدة.....أنهى بها القدر ما توجب عليه,وأنا لازلت جالسا كما أنا....لا جديد......أهلوس بقليل من الذكريات لعلي أخرج منها بعبرة أو حكمة أو شيء يستفاد منه في مأزقي هذا.....توقف,خطرت لي فكرة...أنا لن أقول شيئا....ولن أفعل شيئا.....فلست بمارد مصباح يسطع على كل شيء....وما أنا بإلاه عشق عذري يجمع المتحابين بأسهمه ذات الرؤوس الحمراء.....بل أنت من سيفعل,سيقول,س/يحب......

09‏/11‏/2012

أن أشعر بك


   كعود طيب عرّاه خريف بنسيمه البارد كانت ترتجف....لم أدري إن كان معطفي يكفيها أمام برودة خطا رجلها الذي تتقي به صقيع الوحدة....أم تحتاج أكثر من قطعة قماش تستر بها عورة قلبها المفضوحة....تحاول جاهدة أن تماشي خطواته المتقدمة عنها بنصف اهتمام....أم تماشي أحساسة المتأخر عنها بسنين أرضية....أو تماهي غربتهما المتلاصقة جسدا،المتباعدة أروحا....هل هذا قدر اللهفة المجنونة للقاء أول.....وهل مصير كل عشق ملتهب الأهمال على رف الفتور؟


   تحت سماء ملبدة بقطع الأسئلة الصغيرة....المثقلة بطونها بأجوبة إن تبدا لي،تغرقني....أجالس كبرياء أنوثتي بعتب....واحاول استدراجه لخوض نقاش حاسم يخرجني من دوامة الحيرة....يذهب عني بلل الرهبة من عشق مريع....ويهديني راحة من احساسي بذنب لم ارتكبه....ولست أظنني فاعلة.....أين أنت يا ثرثرة أرقي الليلة الآن....أين تختبئ يا ضعفي أمام حنان ابتسامته.....تتداركني فقط في لحظات لمحات معاتبة آخر الليل.....انتهازيُّ وماكر أيها الشوق.

   على شرفة أطلق عليها مسمى الأمل كان يقف,مقابلا لحسن ظنه بمشاكسة مثلي.....وأنا أطلقت عليها شرفة الممنوع المرغوب.....استشعر دفئ عينيك يدنو أكثر فأكثر....تحدق بي كقدر مستحق واقع لا محالة.....وأنا استبيح اسالة صبرك بقهقهات ساخرة....واشبع كبريائي المحموم باعتصار انتظارك.....لا تتأمل أكثر,فالنبش في رماد احزاني لن يورثك إلا حرقا مؤلما في الذاكرة....شهي أنت يا سيدي بضعفك الذي يزيل عنك ملامحك الطفولية تلك ويعري صورتي داخلك......هل هروبي اليوم منك هو الجري نحو هاوية حبك.....أم هل اتملص من الشعور بالذنب بتعذيبك أكثر....لا لست سادية العشق...أنا فقط أنثى تهرب من حقيقة كونها تريد أن تحبك,,,,ولا تحبك.

   كان مساء الهروب الكبير....هجران الحب دون حب.....دون حتى أن يوضب اشياء الذكرى من على طاولة النسيان ويحزم حبه الفتي المعلق في خرانة اشيائي.....لم ألمه بقدر ما ندمت....لكني متأكدة أنه سيعود,وأن كان ليس من أجلي....من أجل بعض كرامة تركها في محفظته الجلدية المهترئة فوق سرير.


04‏/11‏/2012

عشقه اللامتنبأ


   استهزاء،إلقاء النكات والابتسامات الصفراء لم يكن سوى اغطية يستتر خلفها....يشق فاهه ضاحكا بأعلى صوته ليغطي كبريائه المتشقق من صفعة قدر لقلبه البلوري....عيناه تهربان إلى حيث يجالس عشقه معها،لكنه يكبح جماح شغفه بالنظر إلى عينيها،مشيحا بوجهه عنها....يحبها،ربما حبا بديلا،أو حب امتلاك أو حتى حب شهوة....لم يناقش ماهية الحب مع نفسه من قبل....إلا أنه يحبها،وذلك يكفيه.

   متشقق كخشبات المقعد المكشوف الذي اعتاد على احتضانه هو قلبه...يتطلع إلى الافق دائما ليعود وقد اتسم وجهه بالكآبة من مستقبل معتم ينتظره،لا ملامح لنهاية سعيدة....ولا فوهة نور يسعى نحوها عله يستنشق الأمل مرة أخرى......يفتقد بعضا من حنان،لكنه يكتفي بالاشتياق داءا ودواءا....يبني علاقتهما بمخيلته ويعيشها،ويتأمل افتراضات احداثها ويغضب...يغضب من خيبته المفترضة بها....فهي لم تفعل ما أراده,أو ما توقعه....هي لا تفعل شيئا البتة....هي ربما تألف وجهه لكنها لا تعرفه....أو لا تعرفه أبدا.


   كم عشقا اسماه عاديا ألقى خلف ظهره من أجل افتراضات أو خوف...فهل سيفرط بحب فاق حدود الطبيعة هذه المرة أيضا....تعذبه أفكار الترجيح كثيرا....وتعذبه فكرة الفقد أكثر.....فقد وعده به الواقع مذ كب على وجه الوعي أول مرة....هل الخذلان قدر مكتوب على صحيفته...أم أنه يتوقع ممن حوله أكثر مما يستطيعون...؟