27‏/09‏/2013

المغزى



كلما هطلت عليك تلك الرغبة الغريبة في قول الكثير...
كلما انطلت عليك خدعة البوح مرة أخرى...
كلما اكتظ الكلام في حنجرتك
ولا تجد سوى بياض الجدر الكاذب من حولك...
كلما تراكم الصراخ في صدرك؛
واجثمت الكآبة رحالها على مزاج يومك...
كلما هممت للأمساك بذلك الكتاب الرابض بمحاذات سريرك...
كلما تناولت لوحة مفاتيح بين يديك...
وأخذت بالكلام....

***

عندما تصبح الكلمات ترانيم دينية...
تصدح برأسك مفتعلة صداع ادمان....
وتصبح الأحرف على اللوحة أمامك
مفاتيح بيانو بيضاء وسوداء...
تطرقها مستمتعا بانسيابها من بين اصابعك...
تعيدها مرات ومرات...
كي لا يفوتك إحساس خرج معها...
تخاف ألا يعاود طرق باب قلبك مرة أخرى...
عندما تنسق فقراتك كباقة ورد...
تتذكر وأنت تختار ألوانها ذوق قارئك...
تخاله جالسل أمامك تمدها له...
فيهرع ليقرأ بطاقة إهدائها...
هل هذه لي حقا؟!؟...

***

أصبحت غريبا على سريري...
مهاجرا غير شرعي في منزلي وبين أهلي...
اتحين الفرص للتسلل نحو معتكفي....
دون أن يلاحظني أحد...
الفقد غربة؛غربة عن نفسك قبل العالم...
تضعك في خانة تساؤلات لا طائل منها...
ولا أجابة شافية تتبعها...
لم حدث كل هذا؟
ولم لم يحدث هكذا؟
لماذا أنا؟لماذ هم؟
كصدى السقوط إلى قعر الهاوية...
مخيف:لكن أحساس الطيران للحظة يستحق التضحية...

يقظة...لكن متأخرة



كان عليك الاستيقاظ أبكر من ذلك…كان عليك أن تعي حلمك وأن تسعى نحوه...كان عليك ضبط ساعة الحب جيدا...حتى لا تغرق لذلك الحد من الأمل....أن تستيقظ في اللحظة المناسبة...قبل التوهان الأعظم...الوهم\الحلم الكبير....فالأحلامة عاهرة، تغريك بجمالها حد السذاجة...بألوانها الزاهية الطاغية أحدها على الآخر....تجلعك منكوبا بالخيالات...وتعلق الواقع على الأحداث الجانبية العابرة من عمرك...تلك التي تمر على نهارك خالية...من العطر...ولون الزهر....بلا سعادة.


كان واجبا عليك أن تدرك أنك (كومبارس) في مسرحية سعادة الآخرين...تقفز من دور الأم الحنون إلى دور الصديق النصوح...تتنفل بسرعة هائلة بين مزاجاتهم...كأنك جبل المحامل الكبير...وأنت أصغر من أن تحمل حبا لأمرأة...أضعف من الصمود أمام مشاعرهم المسكوبة فوق رأسك...كأنه قدرك أن تستيقظ كل صباح حائر بهم إلى أين سيذهبون....واقفا مكانك؛لا تحرك سوى تلك الدمى الصغيرة المسماة مشاعر مدعيا التلاعب بها...وهي -في حقيقة الأمر- من تتلاعب بقلبك.


تشبث بحلمك قليلا أكثر....حتى لا يقطفه أحد منك....حتى لا تجنيه مشوبا بأيدي المارين...ملوثا بلمسات من صرحت لهم به....عظيم هو...مهما صغر الحلم...صاحب الأحلام المكتظة...والأمنيات المتجددة داخله....فرح بها...وهم لا يعقلون.


أن تتأخر...أفضل من أن لا تستيقظ أبدا.....أفضل من أن تضع رجلا على أخرى وتقول...فاتني القطار....القطارات لا تخّلي أحدا عزم على ركوبه...لكنه بالتأكيد ستعاقبك بالأنتظار حتى الموعد التالي من مسلسل الحياة...تلك التي تشبه الحياة.

15‏/09‏/2013

حوار على شفا الهجر



-ماذا الآن.
-لا أعلم.
-إذا....
أنت لن تقلع عن إجاباتك المرجحة تلك...رجل الممكن واللاممكن في آن معا....رجل الرمادية في كلامك وأجوبتك...تهرب من الأجابات القاطعة خوفا...رجل المواقف المتطرفة...تمارس مبادئك بتطرف...تخوض تجاربك الخاطئة منها والصائبة بأقصاها.
-تعرفيني إذا؛لم ذلك الألحاح.!؟
-أنت من لا تعرف نفسك....فأنت لا تخاف الخطأ...لكنك تخاف نقده....تخاف تصفية الحساب مع نفسك....تريد دائما لعب دور الضحية؛بأنانية.....أنت نفسية مريضة.
-يمكن!؟
-أها....أرأيت!
-ربما لست الضحية....لكنني بالتأكيد لست الجاني.
-من إذا؟
-كلانا ضحايا قضية....قصة عشق ما....أزمة انتماء....لا أكثر....قدرنا أن نتورط مع مرضى نفسيين...مصابين بحلم السعادة....أبلتهم الخيبات المتتالية.
-أهكذا تظن!
-بل هكذا أؤمن.
-حسنا....سأقول لك شيئا عن نفسك....أتنمى ألا يزعجك...لكنه سيفعل.
أنت الليلة وحيد...تختنق بغربة...غربة عن نفسك....أنت تائه بلا وطن....بلا عقيدة ولا أنتماء....تخنق الأفكار بوسادة صمتك....تهرب منها إلى الكآبة....ومن الناس....أنت أضعف من أن تخرج إلى العالم....تبتسم بأدعاء السعادة....تسألهم عن حالهم وكأنه يهمك....تجيب بهزة رأس إلى الأسفل....وإغماضة عين و"تمام" على السؤال عن حالك....أنت صفر....بل لا شيء.
-ربما بعض ما تقولين صحيح!
-ربما........!

08‏/09‏/2013

إعترافات مكدسة


لأن الظلام طغى على الأمنيات...
لأن الكثير من الذكريات أمست مبهمة...
لأن أكثر الأحلام باتت مستحيلة...
لأن البوح بات محرما...
والعمر أزهق بين الترجيح والتأويل...
بين الخوف والمغامرة...
بين الجرأة والندم...
بين الشجاعة والخذلان...
وجب الأعتراف عنوة.....

***

بدافع الثأر من القدر....
من أجل الغل المكتوم في طيات النسيان/التناسي...
من أجل الحب المهدور على عتبات الأمل...
إجلالا لكراسي الأعتراف...
لجلسات الحقيقة المرة...
كذنب...كجريمة...كحب...
من أجل الدمع الهارب من سلاسل الجآشة....
في آخر ليالي نيسان....
من أجل حرقة الصمت...
واستباح الكرامة....
لأجل أشلاء الكبرياء المتناثرة في الفضاء...
وبحق السماء الشاهدة على النكران..

****

الأيام المهرولة زحفا...
والشموع المتدارية خلف الريح خوفا...
والأوراق المتساقطة إكراما للمطر...
وتلك المتمردة على العرف الخريفي...
المتسبثة بأغصانها،رغم البرد...والريح...والمطر...
رغم الثلج والعواصف....رغم الأيدي المعتدية...
رغم الخذلان والمؤامرات الشتوية...
بها أقسم...وبك
بأنك تعديت سقف السكوت...ورباطة جأش الصمت...

***

لأن النجوم ما عادت تتساقط...
والشمس لا تشرق إلا جنوبا...
والأرض تمور بعشاقها...
وتتنهد الأحزان بهدوء ولا تقول...
لأن كل شيء قد قيل....
كل الأوراق كتبت...ورميت الأقلام...
وجفت المحابر...
وما عاد في جوف الحزن ما يتململ...
إلا من بعض نوبات منك...تأتي كظل غيمة سوداء...تتركك بين السؤال...
هل ستغرق ليلتنا بالدمع...أم تمر بسلام...

***

لأن أبواب المساجد مغلقة...
وأدراج الكنائس طرق غير نافذة...
وغرف الأعتراف مؤصدة...
ولأن الراهب معتكف...
والشيخ إلى أمر الدنيا منصرف...
والرب لا يسمع من ساكت...
والصراخ أصبح عادة...
والقدر سد كل المنافذ...
حتى التنفس صار تهمة...
والموت بالأجزاء قتل رحيم...
لهذا...لكل ما قيل...ولكل ما لم يقال...
سأقول...سأبوح...سأكتب...ولن أصمت!


05‏/09‏/2013

روتين...أقل من عادي!


   آه...المنبه...الساعة السابعة إلا ربع...تبا...هذا يعني أنه لم يتبقى وقت كاف للاستحمام كما كنت أخطط...توقف عن التكاسل...هناك وقت كاف لكل شيء...استيقظ...نغمة المنبه هذه تثير جنوني...حسنا أنا الآن متيقظ بشكل تام...آه...أين المنشفة...أفتح الخزانة...السؤال التقلدي الغير منتهي...ماذا سأرتدي اليوم....امممم...أهنالك ما يستحق التأنق هذا اليوم...حسنا لنتأكد....الأحد...محاضرات الجامعة...بعض التسكع هنا وهناك مع بعض الأصدقاء....لا شيء يستحق....في الحقيقة لاوجود لذلك الشيء الذي يستحق الوقوف أمام المرآة ولو لخمس دقائق...فنظرية شانيل تلك....التي تقول بفحواها...أن كل يوم يحتمل أن يكون ذلك اليوم الموعود....الذي ستقابل له قدرك...فعليك إذا استقباله بأبهى حلة....تصلح فقط للنسوة...وخصصت لفظة النسوة لا الأناث لأني أظن أنه هنالك ما يزال أنثى تفكر أبعد من لون طلاء أظافر قدميها تنتظر....ها أنا أشت عن الموضوع....ما علينا.

   إذا الأزرق مناسب جدا...تبا...الحمام محجوز...سأستغل الوقت لأنجز أشياء أخرى....الفطار جاهز...لنر....هاهو الوالد العزيز يتناول فطوره...صباح الخير...كالعادة...لا رد....اها...كأس ماء "على الريق" يقال بأنه مفيد...حسب تلك الدراسات الغبية أحيانا...التي تقع على مسمعي كل صباح في آخر نشرة الأخبار...ضمن الفقرة الأخبار المنوعة...وكأن بشرى إقترابك من مرض فتاك ستجعلك في قمة معنوياتك....هه...وإن لم يفيد لن يضر...على الأقل سيزيل الحشرجة من صوتي وتلك الأشياء العالقة في حلقي...حسنا...الأخبار...نشرة صوت إسرائيل بالعربية....تفاهة واستخفاف بعقول المستمعين إلى حد الضحك...في بادئ المر كنت أغضب لدي سماع كل تلك الأكاذيب كل صباح....لكني تأكدت أنها أصدق من ثلثي إعلامنا العربي المنحاز دائما لفرقة ما.

   استفتاحية مبشرة...ضربة أمريكية محتملة على سوريا...ههه...سنتين على السنفونية ذاتها...ضربة محتملة....ثم تهافت الأسرائيليين على أقنعة الغاز وحرمان عرب الداخل منها....تصريحات هنا وهناك...هدوء نسبي في الأوضاع المصرية....أها لن أكمل سم بدني بكل ذلك الهراء...الحمام فارغ...إنها فرصتي....بعض الأفكار المشتتة هنا وهناك...انهي الأغتسال بسرعة...وإلا سيشيط أبي غضبا على تأخري....أهااا....فرشاة الأسنان...لم أعتدت بعد على طعم معجون الأسنان في فمي طيلة النهار...لكني مجبر...فلن يلمسها طبيب الأسنان بحالها هذا...إصفرار من قطران السجائر...ورائحة مخزية...كثير ما تضعني في مواقف مخجلة...علي أن أعتاد طعم النعناع الغريب.
   امممم....كريم الشعر....بعض التأملات في وجه المرآة...صباح الخير يا فتى...أنت اليوم أقل كآبة....أنت اليوم سعيد....حقيبة الظهر....الحاسوب بداخلها...الشاحن الخاص به...نسيانه يأتي في عز حاجته دائما...دفتر المحاضرات...مع أنني لا أستعمل إلا قليله لأدون ما هو غير موثق من كلام المحاضرين...أو ما تقاعس المحاضر عن إدراجه ضمن المرجع الرسمي للمادة....قلم الحبر...أهم الأشياء...كنت أنساه طيلة الأسبوع المنصرم...آه...الجوارب...هاتفي المحمول سجائري؛أو ما تبقى منها من ليلة أمس...والولاعة....البطاقة الشخصية...الرباعي المرافق لأي شاب أيامنا هذه....أنا الآن جاهز...تبا؛الساعة قاربت السابعة والربع....لقد تأخرت؛ سأضطر للاستماع إلى محاضرة عن المسؤولية واحترام الوقت والمواعيد...انت دائما تتسبب في تأخرنا...أنت عديم المسؤولية...انت...أنت...مع أني صرت أؤمن أني ورثت صفة إهمال المواعيد منه....حاولت كثيرا التخلص من تلك العادة السيئة، لكن...عبث...وعقولة المثل"فالج لا تعالج"....أركب السيارة...ويبدأ نهاري الروتيني الغريب دائما...والمدجج بالمواقف....هي هيك!

02‏/09‏/2013

لأنك لست هي


   أوضب أوراق الأرق...ارتبها بعناية تامة....اتحسس ملمسها الناعم...واتسائل في استغراب...كيف لهذه الأنوثة الورقية الهادئة أن تحوي لؤما بشريا كبيرا كهذا دون أن تسّود...دون أن تنموا على مطلعها تجاعيد حقد وحسد.....دون أن تضيع غيرة في تفاصيل ما تحويه...دون أن يتلطخ بياضها...كيف لتلك الرقة حملُ ضغينة وأنانية تنفث نارها والدخان مع كل سطر....الحدث أكبر من مجرد تفاصيل متناثرة في انشغال نهار...وأصغر من قصة حب تؤرخ كأسطورة في ذاكرة التاريخ....مجرد قصة\ي.

   عندما تروي نفسك....فأن الحيادية تصبح شبه مستحيلة....أن تخرج من ذاتك لتراها بعين الراوي...وإن حدث واستطعت ذلك...فأنك ستصدم بضعف حبكتك...وفتور احداثك...بل حتى ستجد ما حصل أقل من عادي....حدثا اعتياديا....يكاد يتكرر كل يوم في حياة أحدهم...كتلك البثور التي تنتشر بوجه المراهق...تحصل مع الكل....إلا منك.

   تتسائل دائما بعنف...أي تلك التفاصيل وجب عليها أن تترك ندبا أعمق على جسدك...أن تجتاح اوراقك بحبر أغمق....تلك القديمة...أو ما ترتب عليها....لم يعد للأولوية الآن أهمية...فكلها ندوب...وكلها باقية إلى أن تموت....أو تحفر أكبر منها تلهيك عنها....هي كذا.

   ماذا عن عذاب السرد/البوح....حسنا دعيني أجرك والذاكرة....إلى ليلة شتاء ملبدة بالحزن....يوم أن برقت عيناك خوفا من الخسارة...الهروب من يوم الفراق...بٌحت لك ليلتها بسر...اعترفت أمامك أنني أحببت...وأنني وقعت في دوامة العطاء بقلب...دون التسلح بالأنانية....وأني لم استيقظ بعد...فأجبتني مستهزئا..."أظنها ما كانت حبا بل نزوة"....حكمت بلحظة على سنين العمر بالهدر....وعلى شعور قمري بالخطيئة....وعلي بالتفاهة....كلها بكلمة واحد...هه....نزوة.

   كانت تتمنى لنا "فراقا جميلا" حتى لا تعلق في دوامة من "فوضى حواس"،تدور وتدور بها ثم تلفظها إلى فراق...فتموت حية ترزق بين الندم والأدعاء....وكنت أتمنى هجرها بحثا عنها،لأخفض"سقف كفاية"ي بعدما لامس حدود الكمال....وكنا نحلم ببيت يظل أحلامنا طفولتنا قبل أن تُقمع،ونصيَّر لذوي "الأجنحة المتكسرة".

   سأخبرك اليوم سرا آخر...أتمنى إفشائك له بأسرع من الأول....لا أظن....لماذا؟!....ببساطة،لأنك لست هي....لن أبوح لك في جوف الليل بحب...لن أخبرك أني متعب فيك ومنك....ولن أجيب على أسألتك بأكثر من ترجيح...ممكن!....لن أقلب الدنيا رأسا على عقب بحث عنك...ولن ألقبك سيدتي....سأعاقبك على خذلانها بقسوة الحب المهدور...سأنتقم لنسيانها...سأكرهك بحبها....لأنك لست هي.