02‏/09‏/2013

لأنك لست هي


   أوضب أوراق الأرق...ارتبها بعناية تامة....اتحسس ملمسها الناعم...واتسائل في استغراب...كيف لهذه الأنوثة الورقية الهادئة أن تحوي لؤما بشريا كبيرا كهذا دون أن تسّود...دون أن تنموا على مطلعها تجاعيد حقد وحسد.....دون أن تضيع غيرة في تفاصيل ما تحويه...دون أن يتلطخ بياضها...كيف لتلك الرقة حملُ ضغينة وأنانية تنفث نارها والدخان مع كل سطر....الحدث أكبر من مجرد تفاصيل متناثرة في انشغال نهار...وأصغر من قصة حب تؤرخ كأسطورة في ذاكرة التاريخ....مجرد قصة\ي.

   عندما تروي نفسك....فأن الحيادية تصبح شبه مستحيلة....أن تخرج من ذاتك لتراها بعين الراوي...وإن حدث واستطعت ذلك...فأنك ستصدم بضعف حبكتك...وفتور احداثك...بل حتى ستجد ما حصل أقل من عادي....حدثا اعتياديا....يكاد يتكرر كل يوم في حياة أحدهم...كتلك البثور التي تنتشر بوجه المراهق...تحصل مع الكل....إلا منك.

   تتسائل دائما بعنف...أي تلك التفاصيل وجب عليها أن تترك ندبا أعمق على جسدك...أن تجتاح اوراقك بحبر أغمق....تلك القديمة...أو ما ترتب عليها....لم يعد للأولوية الآن أهمية...فكلها ندوب...وكلها باقية إلى أن تموت....أو تحفر أكبر منها تلهيك عنها....هي كذا.

   ماذا عن عذاب السرد/البوح....حسنا دعيني أجرك والذاكرة....إلى ليلة شتاء ملبدة بالحزن....يوم أن برقت عيناك خوفا من الخسارة...الهروب من يوم الفراق...بٌحت لك ليلتها بسر...اعترفت أمامك أنني أحببت...وأنني وقعت في دوامة العطاء بقلب...دون التسلح بالأنانية....وأني لم استيقظ بعد...فأجبتني مستهزئا..."أظنها ما كانت حبا بل نزوة"....حكمت بلحظة على سنين العمر بالهدر....وعلى شعور قمري بالخطيئة....وعلي بالتفاهة....كلها بكلمة واحد...هه....نزوة.

   كانت تتمنى لنا "فراقا جميلا" حتى لا تعلق في دوامة من "فوضى حواس"،تدور وتدور بها ثم تلفظها إلى فراق...فتموت حية ترزق بين الندم والأدعاء....وكنت أتمنى هجرها بحثا عنها،لأخفض"سقف كفاية"ي بعدما لامس حدود الكمال....وكنا نحلم ببيت يظل أحلامنا طفولتنا قبل أن تُقمع،ونصيَّر لذوي "الأجنحة المتكسرة".

   سأخبرك اليوم سرا آخر...أتمنى إفشائك له بأسرع من الأول....لا أظن....لماذا؟!....ببساطة،لأنك لست هي....لن أبوح لك في جوف الليل بحب...لن أخبرك أني متعب فيك ومنك....ولن أجيب على أسألتك بأكثر من ترجيح...ممكن!....لن أقلب الدنيا رأسا على عقب بحث عنك...ولن ألقبك سيدتي....سأعاقبك على خذلانها بقسوة الحب المهدور...سأنتقم لنسيانها...سأكرهك بحبها....لأنك لست هي.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق