10‏/03‏/2012

رومنسي...ولكن (1)

فنجان القهوة التاسع...أهو يحاول الأنتحار...مزاجه متعكر منذ أيام.....لقد طلب عدم أدخال أحد إلى مكتبه مهما حصل....أهو مريض.....لم لا يأخذ أجازة....فليفاتحه أحد بالموضوع،أنه لا يرغب بالتكلم مع أحد....ترهات ترهات....


كان صباحا آخر ممتلأ بالثرثرة والنميمة في الشركة كما جرت العاده،فالموظفون يبحثون يوميا عما أو عمن يقع تحت رحمة ألسنتهم.لكن اليوم كان دور صديقنا"أحمد"....ياااه ألم يتركوني بحالي....كانت علامات التعب والأرهاق وقلة النوم تطغى على هيئته العامة،لا مرض أو مشاكل يمكن أن تحد من عزيمة القروي الذي أنهى الثانوية بأمتياز وانتقل إلي المدينة(الخبيثة) كما  يسميها دائما،لكن دراسته لأدارة الأعمال وأنهاءه لها بدرجة جيد جدا حتمت عليه الأستقرار بها،فقد أتته فرصة العمل بعد التخرج على طبق من ذهب....قرر أن يآخذ بقية النهار أجازة ويتوجه للقرية..لعل الجلوس إلى العائلة قد يصفي ذهنه ويجعله يحسم أمره...لم يكمل الفكرة حتى وجد نفسه قد كتب الأجازة وأعطاها لسكيرتية المدير ولم يتكلف عناء المرور لبيته بل توجه بأول تاكسي صادفه إلى مجمع الباصات بما عليه من ملابس,قطع التذكرة وجلس"كما يحب"إلى النافذة بالكرسي قبل الأخير وانتظر لحظة الأنطلاق.....صوت الصبي الذي يبيع الفستق أضجره حتى كاد يهم بضربه لكنه غير رأيه وقرر اسكاته بالشراء منه لربما يوقف موسيقاه العذبة،خبأ كيس الفستق بجيبه ليعطيه لأخته الصغيرة...بالرغم من أن الأزعاج لا يزال قائما من صوت المذياع المضبوط على أذاعة أخبارية لم تكف عن تكرار نفس المصائب العربية كل يوم،شهداء سوريا،شهداء غرة،وتظاهرات هنا وأخرى هناك،إلا أنه استطاع رمي رأسه على كتفه وادعاء الأسترخاء...الموضوع ذاته الذي أرقه منذ أيام...ذاكرته ضعيفة حتى أنه يظن نفسه مصابا "بالزهايمر" في بعض الأوقات،لكن عندما يتعلق الأمر بها،فأن ذاكرته أقوى من حديد....استرجع أحداث أول أمس كما لو كانت أمامه....




عاد يومها من عمله على عجلة فقد كان اليوم هو اليوم-الكبير-...اتفقا على أن يلتقيا في الخامسة والنصف،كان يستغرب عجلته....فلم تكن الساعة قد تجاوزت الرايعة عندما وصل إلى البيت....خلع ملابسه واشعل مشغل الموسيقى على أنغام ماجدة الرومي التي يعشقها منذ الصغر ودخل ليستحم وهو يفكر"كيف ستبدو اليوم؟" "ماذا سترتدي؟" "هل ستحضر لي هدية؟".....قفد كان يصادف في ذلك اليوم ذكرى مرور شهر على أول لقاء بينهما.....أنهى حمّامه...أرتدى ثيابه...وانطلق إلى الميعاد بعدما تأكد من علبة سجائرة ومحفظته ومشبك الشعر الأرجواني على شكل وردة الذي سيقدمه لها بهذه المناسبة....ناظر هاتفه المحمول للمرة الألف بطريقه إلى المكان...ليستعلم الوقت وليتأكد من أنها لم تتصل.....كانت الساعة الخامسة إلا ربع عندما وصل المكان الموعود....اشترى قنينة ماء من الكشك المنصوب إلى جدار الحديقة ليبرد فيها عطشا استولى عليه منذ لحظة انطلاقه من البيت،واتخذ مقعدا لينتظرها وقد اعترى جبينه الشوق واللهفة الممزوجتين بقليل من التوتر الذي صعب عليه إخفائه.....


أنها الخامسة تماما....لا شك في أنها على وشك الوصول الآن....




يتبع....