08‏/07‏/2012

صدمة !

ألقى حقيبته فوق الطاولة البيضاء بعصيبة....عصبيته مفرطة هذا اليوم...اكثر من الأيام الماضية...خلع ملابسه المشبعة بالخذلان...ودخل ليستحم...لربما تذيب المياه الحارة المتدفقة بعضا من يأسه...


   يوم حار اكثر من عادي...صباح يبتدأ بجلسة علاج نفسي أمام المرآة....يقنع نفسه فيها بأنه اليوم أفضل....بأن اليوم سيحمل معه شيئا ما،جديدا....بحيث ينسيه أشهره السوداء الأخيرة....لكنه جلس كعادته على ذاك الكرسي النازف ألما وخيبات...لا يفعل شيئا سوى انتظار ذاك الشيء الجميل...شيئا بداخله كان يصيح بأعلى صوته
"قم،تحرك،فالأشياء الجميلة لن تأتيك على طبق من ذهب...أذهب وابحث عن نفسك...في أركان ذكرياتك...على سور النصر...أو على طاولة الفرح...أو حتى على مقعد الشهوة...أو بالقرب من زاوية الخيبات....لربما تجد ما أضعته من لهفة الحياة هناك"....لكنه يأبى الحراك...يتخذ الحجج الواهية في سبيل إبقاء خوفه متقدا..
رفع رأسه وقال بصوت لا يكاد يسمع...وقال"لن تأتي..."....
كل يوم يمارس الطقوس ذاتها...ويتعارك مع نفسه ذات العراك...وكل يوم يهزم...كل يوم يتقدم خطوة...ويتأخر خطوة....لكن من كان يظن أن ذاك النهار سيحمل في طياته كل ذلك....من كان ليتنبأ بأن آخر الصفحات القليلة العدد ستحمل معها كل تلك الصدمات.


   صدمة...هي التعبير الوحيد الذي شمل كل ملامح الخيبة والخذلان والضعف والمفاجئة....فهو منذ زمن لم يسعق هكذا...لم يتلقى تيارا عالية من الخيبة الظن كهذه...أن تجلس خوفا من الخيبات أنتظارا للأمل...هو سعي حثيث نحو الخيبة ذاتها....أن تغمض عينيك أمام ريح المستقبل خوفا من غبار الخيبة...هو ارتطام بالخيبة صخرية ضخمة.


   التأمل بالعلب المقفلة التي يحملها البشر من حوله فوق أكتافهم...والتفوه بالترهات العلمية في مواضيع النقاش التافهة كان أفضل ما يمكن لشخص في مثل حاله ما يفعل...فهو يبقى أفضل من الجلوس صامتا وتلقي تلك الترهات رغما عنه....ووسط ذلك الجو المشوش....لمح كلمة لم يكن يجب عليه أن يلمحها...اسم ذو ترتيب مرتفع في قائمة الأسماء الممنوعة من الفكر....أسم في مكان خاطئ في زمن مؤكد الخطأ.

لم حدث ذلك...
لم الآن...
لم اليوم بالذات....
لم منك أنت يا من اسميتك"أنا" يوما ما...
لم تساعدني يا صديق....
بل....


كان الموضوع قد انتهى قبل أن يبدأ...لم يكن يحتاج الأمر إلى كل هذا...لم يكن يستلزم منك تضحية غالية كهذه....كنا قد أنتهينا...عندما بدأت.
لم يكن تخمينك صحيحا....لم تكن تمتلك الجرأة حتى لتختار التخمين الآخر....أقنعت نفسك وحاولت إقناعي....وكدت تنجح....
أتذكر....
لا,لن أبدأ سلسلة غير منتهية المواقف من الذكريات...فأنت وحدك من تعلم...وحدك أنت فقط من كان يجب أن يعلم...أنت....