06‏/10‏/2012

حب أنثى...وهم قصيدة

   بجلسة متبجحة...وضعا رجلا فوق أخرى....وظهره مستند لآخره على الكرسي البلاستيكي....يجيبه بهدوء:
"وأنا سأكتب قصيدة"

   بقلمه الفرنسي الأزرق مدبب الرأس....وصفحة بيضاء ناصعة كإحساسه نحو تلك القابعة في الزاوية الشرقية المتطرفة من قلبه....يناظر حركات شفاها أثناء كلامها...ويرصد معها أيحائات يديها التي تلوح بهما وهي تخبر صديقاتها بقصة ما لم يعر لفهمها أي أنتباه....تتراكض الأفكار في رأسه متقلبة....يبحث بينها عن رصاصة انطلاق الكلمات من عقله إلى يمين النقطة التي زرعها رأس قلمه على الورقة خطأ....تبدأ أوصاف أنثاه بالتشكل في مخيلته....يختار قافية ال"ات" لينهي كل بيت بجمع مؤنث يوحدها وهن....وتبدأ معها الكلمات والتعابير بالاتضاح شيئا فشيئا....فيكتب في وصفها خمس أبيات دون إحساس لها يذكر....يتوقف عند على حافة آخر كلمة كتبها..."معشوقتي"....يتبادر إلى ذهنه....
"من هذه الفتاة التي تستحق هذا اللقب في نظرة أولى...من صاحبة العيون السوداء تلك التي تغلبت علي ببضع نظرات وابتسامة....واستولت على ضمير التملك لأحساس لم أهبه إلا لأنثى واحدة وبعض خيبات....هل هي أنثى أم خيبة....او ربما تكون زوجة...او هي قصيدة فقط،تنتهي شهوتها بانتهاء آخر أبياتها".
يدخن فوق انوثتها الملقية على سرير المتعة سيجارة النصر الأكبر....ويسأل,هل أنا حقا أحبها....؟

تتدافع الاسئلة المؤجلة في رأسه مع جرة القلم الأخيرة من توقيعه بقعر القصيدة....ليغلق المجزرة التي فتحت عليه نيرانا لم يحسب لها أي حساب....ويضع الدفتر على حافة الطاولة متسآئلا:
"هل انتهيت منها،أم أن طيفها سيلاحقني بعد الغروب ويبث في ليلي أرقا ينسيني طعم الراحة....أو يلازمني كابوسا لأحلام تقض مضجعي ويكئب صباحاتي المغموسة بالأمل"
من تكون حبيبتي....يكررها عبد الحليم في ليلة خريف باردة تسقط فيها اوراق المكابرة....لتترك الذكريات ترتجف شوقا،وتنتظر مطر الأمل بلهفة....يعيد له بعضا من رونق الخضرة ويضعه في خانة التماسك مرة أخرى....لا سر الليلة يخفيه....إلا من غاب وترك بعض الفراغ يتسلل إلى قلبه....باصرار:
"سأملأ الليل المجنون بقصاصات الأمل المنثورة على منضدة النسيان...واعتكف طيلة شتاء أعزل....انتظر..."